الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88039 مشاهدة
أعلم الناس بالتفسير

يقول: وأما التفسير-بعدما تكلم على المغازي والملاحم- أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من أصحاب ابن عباس كطاوس أبي الشعثاء وسعيد بن جبير وأمثالهم، هؤلاء تتلمذوا على ابن عباس وأخذوا عنه كثيرا فعطاء من أهل مكة عالم جليل من علمائها وكذلك سعيد بن جبير هو من أهل العراق ولكن أقام بمكة كثيرا لما كان مختفيا عن الحجاج وطاوس معلوم أيضا أنه من أهل اليمن ولكنه تتلمذ على ابن عباس وقرأ عليه كثيرا، قد تقدم قول مجاهد ..إنه عرض المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات يسأله عند كل آية.
أهل الكوفة هم أصحاب ابن مسعود يعني تلاميذه ولهذا كانوا يأخذون عنه تفسيرا وحديثا مثل علقمة والأسود وعبيدة السلماني وغيرهم من تلاميذه، ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم يعني حيث إنهم تتلمذوا على ابن مسعود وأخذوا عنه كثيرا، علماء أهل المدينة في التفسير كزيد بن أسلم يظهر أنه أملى كتابا في التفسير كتبه عنه ابنه عبد الرحمن ولهذا أخذ عنه مالك التفسير وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن وأخذه عن عبد الرحمن عبد الله بن وهب عبد الرحمن بن زيد ليس ثقة في الحديث؛ ولكنهم يقبلون قوله في التفسير، فدائما يذكرون عنه قولا والظاهر أنه أخذ ذلك كله عن أبيه وأنه ألف فيه كتابا، وأن كتابه وصل إلى المفسرين الأكابر كابن جرير ولهذا يرويه دائما فيقول: حدثنا يرويه عن عبد الله بن وهب عن ابن زيد ثم يذكر تفسير ابن زيد أحيانا يصوبه وأحيانا يخطئه.
وابن جرير يظهر أيضا أنه جمع كتبا في التفسير رواها بأسانيد فيروي دائما عن التابعين في كتب يظهر أنهم ألفوها مثل السدي الكبير عبد الرحمن يظهر أيضا أنه ألف كتابا في التفسير، وفيه قصص إسرائيليات وغيرها يرويه عنه أسباط فدائما يروي ابن جرير عن أسباط عن السدي وبين العلماء أنها نسخة ورسالة في التفسير كتبها تلميذه الذي هو أسباط وغيره ويظهر أيضا أن لقتادة تفسيرا وأن لمجاهد تفسيرا إن كان كتبه وإلا كتب من كلامه؛ كتبه أحد تلاميذه.